فصل: الخبر عن ابن أبي عامر صاحب شرق الأندلس من بني ملوك الطوائف وأخبار الموالي العامريين الذين كانوا قبله وابن صمادح قائده بالمرية وتصاربف أحوالهم ومصايرها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن بني ذي النون ملوك طليطلة من الثغر الجوفي وتصاريف أمورهم ومصاير أحوالهم.

جدهم إسماعيل الظافر بن عبد الرحمن بن سليمان بن ذي النون أصله من قبائل هوارة ورأس سلفه في الدولة المروانية وكانت لهم رياسة في شنترية ثم تغلب على حصن أفلنتين أزمان الفتنة سنة تسع وأربعمائة وكانت طليطلة ليعيش بن محمد بن يعيش واليها منذ أول الفتنة فلما هلك سنة سبع وعشرين استدعاه إسماعيل الظافر من حصن أفلنتين بعض أجناد طليطلة فمضى إليها وملكها وامتد ملكه إلى جنجالة من عمل مرسية ولم يزل أميرا بها إلى أن هلك سنة تسع وعشرين وولي ابنه المأمون أبو الحسن يحيى واستفحل ملكه وعظم بين ملوك الطوائف سلطانه وكانت بينه وبين الطاغية مواقف مشهورة وفي سنة خمس وثلاثين غزى بلنسية وغلب على صاحبها المظفر ذي السابقين من ولد المنصور بن أبي عامر ثم غلب على قرطبة وملكها من يد ابن عباد وقتل ابنه أبا عمر بعد أن كان ملكها وهلك الظافر بها مسموما سنة سبع وستين كما ذكرناه وولي بعده على طليطلة حافده القادر يحيى بن إسماعيل بن المأمون يحيى بن ذي النون وكان الطاغية بن أدفونش قد استفحل أمره لما خلا الجو من مكان الدولة الخلافية وخف ما كان على كاهله من أمر العرب فآلتهم البسائط وضايق ابن ذي النون حتى غلب على طليطلة فخرج له الغادر عنها سنة ثمان وسبعين وأربعمائة وشرط عليه أن يظاهره على أخذ بلنسية وعليها عثمان القاضي ابن أبي بكر بن عبد العزيز من وزراء ابن أبي عامر فخلعه أهلها خوفا من القادر أن يمكن منهم ألفنش فدخلها القادر وأقام بها سنتين وقتل سنة إحدى وثمانين على ما نذكر بعد إن شاء الله تعالى.

.الخبر عن ابن أبي عامر صاحب شرق الأندلس من بني ملوك الطوائف وأخبار الموالي العامريين الذين كانوا قبله وابن صمادح قائده بالمرية وتصاربف أحوالهم ومصايرها.

بويع للمنصور عبد العزيز بن عبد الرحمن الناصر بن أبي عامر بشاطبة سنة إحدى عشرة وأربعمائة أقامه الموالي العامريون عند الفتنة البربرية فاستبد بها ثم ثار عليه أهل شاطبة فأفلت ولحق ببلنسيه فملكها وفوض أمره للموالي وكان من وزرائه ابن عبد العزيز وكان خيران العامري من مواليهم تغلب من قبل ذلك علي أربولة سنة أربع ثم ملك مرسية سنة سبع ثم حيان ثم المرية سنة تسع وبايعوا جميعا للمنصور عبد العزيز ثم انتقض خيران على المنصور وسار من المرية إلى مرسية وأقام بها ابن عمه أبا عامر محمد بن المظفر بن المنصور بن أبي عامر خرج إليه من قرطبة من حجر القاسم بن حمود وخلص إلى خيران بأموال جليلة فجمع الموالي فأخذوا ماله وطردوه ثم ولاه خيران وسماه المؤتمن ثم المعتصم ثم تنكر عليه وأخرجه من مرسية ولحق بالمرية وأغرى به الموالي فأخذوا ماله وطردوه ولحق بغرب الأندلس إلى أن مات ثم هلك خيران بالمرية سنة تسع عشرة وقام بالأمر بعده الأمير عميد الدولة أبو القاسم زهير العامري وزحف إلى غرناطة فبرز إليه باديس بن حبوس وهزمه وقتل بظاهرها سنة تسع وعشرين فصار ملكه للمنصور عبد العزيز صاحب بلنسية وملكها من يده سنة سبع وخمسين ولما هلك المأمون بن ذي النون وولي حافده القادر ولى على بلنسية أبا بكر بن عبد العزيز بقية وزراء ابن أبي عامر فداخله ابن هود في الانتقاض على القدر ففعل واستبد بها وضبطها سنة ثمان وستين حين تغلب المقتدر على دانية ثم هلك سنة ثمان وسبعين لعشر سنين من ولايته وولي ابنه القاضي عثمان فلما سلم القادر بن ذي النون طليطلة زحف إلى بلنسية ومعه ألفنش كما قلناه وخلع أهل بلنسية عثمان بن أبي بكر وأمكنوا منها القادر خوفا من استيلاء النصراني وذلك سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ثم ثار على القادر سنة ثلاث وثمانين القاضي جعفر بن عبد الله بن حجاب وقتله واستبد بها ثم تغلب النصارى عليها سنة تسع وثمانين وقتلوه ثم تغلب المرابطون على الأندلس وزحف ابن ذي النون قائدهم إلى بلنسية فاسترجعها من أيديهم سنة خمس وتسعين وأربعمائة وأما معن بن صالح قائد الوزير ابن أبي عامر فأقام بالمرية لما ولاه المنصور سنة ثمان وثمانين وتسمى ذا الوزارتين ثم خلعه وولى ابنه المعتصم أبو يحيى محمد بن معن بن صمادح واستبد بها أربعا وأربعين سنة وثار عليه صاحب لورقة ابن شبيب وكان أبوه معزولا عليها فجهز إليه المعتصم جيشا واستمد ابن شبيب المنصور بن أبي عامر صاحب بلنسية ومرسية بالعدو واستمد المعتصم بباديس ونهض عمه صمادح بن باديس بن صادح فقاتلوا حصونا من حصون لورقة واستولوا عليها ورجعوا لم يزل المعتصم أميرا بالمرية إلى أن هلك سنة ثمانين وولي ابنه وخلعه يوسف بن تاشفين أمير المرابطين سنة أربع وثمانين وأجاز إلى العدوة ونزل على آل حماد بالقلعة وبها مات ولده والله وارث الأرض ومن عليها.